4/14/08

لماذا تجد الكثير من النثر المنغم عندى؟

من الأشياء التى لم الحظ وجودها هو التدفق اللغوى لأفكارى كما هو الحال فى التدفق الموسيقى. لم أع هذا بالرغم من أننى داومت على الكتابة النثرية البحثية أو النثرية المنغمة للتعبير عن أفكار ولحظات انسانية استوقفتنى، لم أع هذا إلا وانا قى مناقشة رسالة الدكتوراة، حيث استوقف احد المناقشين تيمة شيوع الاهتمام بالكتابة اللغوية لدى المؤلفين الموسيقين

عند قراءة الأدب، تستوقفنى دائماً اللحظات الموسيقية فى العمل الأدبى، ولا أعنى هنا السجع وماشابه، وإنما لحظات بنائية: فعند قراءتى ل"بيت من لحم" للكاتب يوسف ادريس استوقفنى وبشدة بناءه لهذه القصة الصغيرة، البداية بجملة مجهولة النسب، تتضح رويداً عبر تخللها للأحداث، متحولة فى نهاية القصة إلى فاجعة وإلى حقيقة وإلى واقع وإلى قوة متسكنه فى حياة ابطال القصة......من شئ خفيف ملئ بالمجهول يحمل طيات اللون الداكن إلى شئ لامفر منه سيظل محفور.....من مجرد حدث وصورة حركية إلى طقس أطل بوجهه المظلم فى ضوء النهار........هذا البناء يماثل البناء الموسيقى، حيث أن المؤلف يتعامل مع تيمة موسيقية، كاشفاً عن ماضيها وحاضرها ومستقبلها، أنها نقطة التعامل مع الذاكرة. استمع إلى الحركة الأولى من السيمفونية الخامسة لبيتهوفن، لتر كيف أن الموتيفة الأولى والمعروفة بضربات القدر، بكل ما بها من قوة وتحد، بكل مالها من صلابة الصخور، تتفتت لتخرج منها لحظة تأملية شاعرية حزينة من آلة الأوبوا قرب النهاية، عندما يصمت الأركسترا على غير توقع ويوقف تدفق ضربات القدر، مفسحاً لتلك الألة الشجية الخنفاء أن تحفر المعنى الحقيقى الكامل للحظة التى كانت كلها غرور فى البداية

No comments: